Uncategorized

الدب الروسي يتفوق على واشنطن ويحاصرها في الشرق الأوسط.. روسيا تعزز نفوذها في المنطقة على حساب أمريكا.. و«سوريا» هي كلمة السر

صراع النفوذ والمصالح أصبح يقود مسار روسيا أكثر إلى تعزيز وجودها في الشرق الأوسط، فمن جهة تستغل موسكو تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة ومن جهة أخرى، تعكف على توسيع نفوذها من خلال توقيع المزيد من الصفقات العسكرية.

إن دخول روسيا بقوة على مسرح الصراع في المنطقة عبر البوابة السورية وسع نفوذها لتنازع فيه حليفها الإيراني أيضًا، أما تعاون روسيا وتركيا فمرشح للازدياد سياسًا واقتصاديا، خاصة بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الروسية إس 400، وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة فرصة هائلة لروسيا لتعزيز مصالحها الجيوسياسية في المنطقة.

واستطاعت روسيا أيضًا تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات عسكرية واقتصادية أبرزها مع المملكة العربية السعودية التي اقتنت هي الأخرى منظومة الدفاع الروسية، ورغم أن الوجود الروسي في المنطقة ليس بالشيء الجديد، إلا أ فإلى أي مدى تستطيع روسيا تعزيز نفوذها وتحالفها مع الشرق الأوسط؟

يرى مراقبون دوليون أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين كان في قمة الدهاء عندما استطاع إزاحة النفوذ الأمريكي من المنطقة وأن يحتل مكانة، بيد أن السياسة كانت تعتمد على دبلوماسية نشطة للغاية يقودها وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بتوجيه من بوتين، إضافة إلى القوة العسكرية الهائلة مستعدة للتدخل لنصرة الحلفاء، ومثال على ذلك تدخل روسيا في الأزمة السورية وإنقاذ سوريا من مصير اليمن وليبيا.

وفي تحليل نشرته مركز “سترافور” البحثي، فقد تبين أن ابتعاد الولايات المتحدة عن النزاع في سوريا بشكل تام أثر في قدرتها على الضغط من أجل التوصل إلى حلّ سياسي يخدم مصالحها، وذلك في وقت تسعى فيه موسكو إلى جمع تركيا وإيران والحكومة السورية إلى طاولة واحدة للتوصل إلى حلّ سياسي.

فالعلاقات التركية الروسية في الوقت الراهن “دافئة” بعد تقلب استمر لشهور عديدة وبعد توتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة على خلفية قضية رجل الأعمال الإيراني، رضا ضراب وأزمة التأشيرات التركية، فقد استغلت موسكو توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة لتجعل من نفسها عنصرًا يضطلع بأهمية أكبر بالنسبة إلى أنقرة الطامحة في عدم حصول الأكراد السوريين على دويلة بمحاذاة حدودها.

ونظرًا لطبيعة العلاقة الوثيقة بين موسكو ودمشق، والمتجلية في اللقاءات العديدة التي جمعت بوتين بالأسد، وآخرها كان الأسبوع الماضي، عند زيارته المفاجئة إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا، وذلك قبل زيارته إلى مصر، لذا فإن هناك احتمالية قوية بأن تمنح روسيا تركيا ما تحتاج إليه من النزاع السوري.

ولا تبدو موسكو راغبة في تقليل نفوذها في سوريا حتى مع إعلان بوتين سحب جزء كبير من قواته العسكرية من هناك، إذ لا تزال روسيا تحتفظ بقاعدتين مهمتين، هما طرطوس، وحميميم، اللتان ستواصلان العمل في سوريا بشكل دائم وفق ما أكده بوتين، فقد سبق لمتحدث باسم الجيش الروسي أن أكد استمرار قوات موسكو في سوريا، حتى بعد القضاء على داعش، لأجل “إعادة الحياة للبلد”، وهو ما جعل أطرافًا في المعارضة السورية تصف الوجود الروسي بالاحتلال.

ولما كان لروسيا تاريخ طويل في استخدام القوة الناعمة لتحقيق غايتها بشكل كامل في المنطقة، فإن نفوذها المتنامي ونشاطها الدبلوماسي لا يدلان على قدرتها على تحقيق مآربها في الشرق الأوسط، بيد أن هناك “عقبات” ستقابلها أثناء سعيها لتعزيز وجودها في المنطقة، ربما أهمها عرقلة عملية السلام السورية.

إن موسكو تخطّط للإمساك بمفتاح الغاز في العالم، فهي الموّرد الأول لأوروربا بهذه المادة، كما استطاعت، بعد فرض حضورها العسكري والسياسي في سوريا، إنهاء مشروع خليجي كان يهدف لإيصال الغاز إلى أوروبا عبر أنبوب يمرّ من التراب السوري، ما أنهى أيّ محاولة لمنافستها في أوروبا.

وقد يصل النفوذ الروسي بيد أن بوتين قد يفرض بوتين بلده وسيطًا في حلٍ مفترض للأزمة اليمنية، ودعونا لا ننسى الوجود الإيراني في اليمن، ودعم طهران للحوثيين.

في المقابل، قد لا يدل نفوذ روسيا المتنامي ونشاطها الدبلوماسي على قدرتها على تحقيق ما تريده في الشرق الأوسط، متحدّثًا عن تاريخها في استخدام القوة الناعمة لتحقيق غاياتها بشكل كامل في المنطقة وعن تفوّق الولايات المتحدة العسكري والدبلوماسي.

نجاحات بلاده في سوريا للترويج لدور موسكو العالمي وتعزيز صورتها في أعقاب فضيحة المنشطات التي انكشفت خلال الألعاب الأوليمبية الشتوية.

النفوذ الروسي في المنطقة سببه الأول والرئيسي تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط واضطراب إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وسياساته الخارجية ومن قبله الرئيس باراك أوباما، ناهيك عن تراجع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، تحاول روسيا تصوير نفسها في الشرق الأوسط على أنها “وسيط الخير” وليس قوة عظمى تتدخل في شئون البلدان الداخلية، وعلى أنها أيضًا تحظى بقدرة شديدة على توفير مساعدات دبلوماسية واقتصادية وأمنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى