محافظات

“نفسي ألم لحم ابني وأدفنه”.. أمنية والدة “غريق ستانلي” بعد مرور 6 أيام على الحادث | صور

بملامح أرهقها البكاء، وبعينين تهدلتا من البحث في كل موجة عن فلذة كبدها، تواصل السيدة بملابسها السوداء، الوقوف على شاطئ “ستانلي” بالإسكندرية، ترفض مطالبات الرحيل، وتتحدى الطقس السيئ، الذي ينهش جسدها، ولكنه لم يستطع بقسوته إثناءها عن العودة لمنزلها، دون ابنها.

لا تتحدث السيدة المكلومة سوى للبحر، بعد أن تاهت من الجميع كلمات المواساة، التي تعينها على مصابها العظيم، لتحدث السيدة بدموعها البحر منادية: “إطلع يا محمد أنا أمك، قاعدة مستنياك”.

“اسمع كلامي لآخر مرة وإطلع، وإرحم قلبي الموجوع”، هي عبارات تنطقها السيدة التي فقدت ابنها في حادث ستانلي، حتى إن الإعلام أطلق على ابنها “غريق ستانلي”، لتعود لمخاطبة من حولها من جديد، بعد أن يأسوا من الاستجابة لهم، قائلة: “نفسي ألم لحم ابني وأدفنه”.

الوضع لم يتغير منذ الأربعاء الماضي، تقف السيدة أمام البحر، صارخة “حد يغيثنى.. غيثونى، أنا موجوعة على ابني”، وبعقلانية تقول “بناشد أي حد يقدر يساعدني”، ثم يدرك عقلها غرق ابنها، وفراقه إلى الأبد، لتعود قائلة “إرحموني رجعولي ابنى”.

محمد حسن شوقي، (21 عاما)، طالب بكلية التجارة جامعة طنطا، هو الابن الأوسط للسيدة المكلومة، ويعمل والده موظفًا سابقًا بشركة مياه مطروح، قد حضر الطالب للإسكندرية يوم الثلاثاء الماضي، عقب انتهاء امتحانات نصف العام الدراسي؛ ليقابل صديقي طفولته، وأبناء مدينته؛ وقضاء وقت ممتع بعد ابتعاد دام أشهر بسبب الدراسة.

وكعادة جميع الزائرين للإسكندرية، يجذب كوبري ستانلي الجميع، فجلس محمد على الحاجز الحديدي للكوبرى، وبجواره صديقيه محمد الحوفي، الطالب بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأشرف زين العابدين، الطالب بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، يستعيدون ذكرياتهم، إلا أن القدر لم يمنحهم الاستمتاع بهذه الذكريات الجميلة.

وبعد لحظات قليلة من استعادة تلك الذكريات، تفاجأوا ثلاثتهم بسيارة مسرعة، أخرست معها ضحكاتهم، وقطعت سيل حكاياتهم، قررت إبعادهم بشكل أبدي عن بعضهم، بعد أن اصطدمت بجلستهم، ملقية “محمد” في مياه البحر.

صرخات عمت أرجاء محافظة مطروح، التي تعيش بها أسرة محمد، سمعها سكان الإسكندرية، فور علم والدته بالخبر، وما هي إلا لحظات حتى توجهت إلى الإسكندرية، معلنة عدم عودتها إلا مع ابنها.

يتبدد أمل الأم المكلومة، يوما بعد يوم، من عودة ابنها معها لمنزلهم حيًا، فقد مرت الأيام الستة دون العثور عليه، حتى أصبح أقصى أمانيها، العثور فقط على جثته، بعد أن حارت أمام البحر عينيها، وخرج قلبها الذي يعتصره الحزن من صدرها، فهي إما واقفة دون أن تشعر لكم ساعة وقفت، أو آخذة لاستراحة قصيرة على كرسى بلاستيكي فى مواجهة مياه البحر.

اقتربت “بوابة الأهرام” قليلا من “أم محمد”؛ للحديث معها، ولكنها رفضت الحديث، واكتفت بترديد جملة لخصت فيها أمنيتها الوحيدة، التى أصبحت تعيش على تحقيقها مع أسرتها، قالتها والدموع تخنق صوتها: “أنا مؤمنة بقضاء الله، وكل اللي أنا عايزاه إني أشوف ابني للمرة الأخيرة وأحضنه”.

60 غطاسًا متطوعًا لبوا نداء الأم التي لم تتوقف دموعها، ليعاونوا فرق الإنقاذ النهريوالقوات البحرية، في البحث عن “غريق ستانلي” المفقود في مياه البحر، منذ الثلاثاء الماضي.

حسن شوقي، والد ضحية حادث ستانلي، قال، إن أعمال البحث عن ابنه توسعت بشكل كبير، مشيرًا إلى أن فرق الإنقاذ، والقوات البحرية، والغطاسين، لن يتقيدوا بالمنطقة الجغرافية، التي غرق بها ابنه.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى