Uncategorizedمنوعات

حكاية ثورة كادت أن تطيح بمحمد علي عن حكم مصر

“فعل بهم فعل التتار عندما جالوا بالأقطار، وأذل أعزة أهله وأساء أسوأ السوء معهم في فعله، وأجرى عليهم أنواع الآلام من الضرب والتعليق والكي بالنار والتحريق، كما بلغني، والعهدة على الناقل أن ربط الرجل ممدودا على خشبة طويلة، وأمسك بطرفيها الرجال ووجعلوا يقلبونه على الناسر المضرمة مثل الكباب”.

كانت تلك الكلمات مقتبسة مما دونه مؤرخ مصر الجبرتي عن حال ومآل أهل الصعيد تحت حكم محمد علي باشا والفاعل في هذا النص المقتبس إبراهيم باشا ابن محمد علي.
كانت سياسة محمد علي في الصعيد سبب للعديد من الثورات الهامة حيث رفض العديد من أبناء القبائل في الصعيد هذه السياسة ويبرز من هذه السيرة شيخ العرب همام والذي سيطر على الصعيد قبل الصدام مع محمد علي الذي نكل بأسرته لسنوات طويلة.
من بين هذه الثورات الهامة في تاريخ الصعيد ثورة أهالي قنا 1824 والتي كادت أن تطيح بحكم محمد علي، ووفقًا لكتاب كل رجال الباشا، للمؤرخ خالد فهمي وكذلك نفس الرواية المقتبسة من كتاب إمبراطوريات متخلية عن تاريخ الثورة في صعيد مصر للدكتورة زينب الوكيل، فإن الثورة اذ نشبت انتفاضة مهولة شملت معظم قري المحافظة ضد سياسيات الباشا في التجنيد الاجباري و فرض الضرائب.
وشارك أكثر من 30 ألف رجلا و امرآة في التمرد الذي قاده شيخ يدعي رضوان , أدعي أنه المهدي المنتظر , و أعلن كفر محمد علي باشا و زحف السكان من قري فاو و دشنا الي و أستولوا علي مقرات الحكم و أسروا الحكام , و اتسعت رقعة التمرد و أتضح أنه قد أصبح بالغ الخطورة , و بدأ يمتد الي المحافظات المجاورة , و قد حاولت السلطات أن تخمد التمرد بكافة وسائل التهديد و الارهاب , و حين ثبت عدم تأثير هذة التدابير.
و لم تبد أي علامة علي إمكانية انحسار التمرد , تقرر في نهاية المطاف أن ترسل بعض الفرق العسكرية التي تم تشكيلها حديثا من أبناء الفلاحين في الجيش المصري لقمع هذا التمرد , بلا شك كان هذا قرارا خطيرا للغاية , حيث أن معظم الجنود آنذاك هم في الأصل تم تجنيدهم من قري الصعيد , أي من ذات المديريات و القري التي أرسلوا لإخماد انتفاضتها !
في البداية لقيت القوات مقاومة شرسة وهوجم بعض الضباط و قتلوا , بل و أنتشرت شائعات بأن التمرد قد أنتشر داخل الجيش نفسه , و أن 700 جندي قد أنضموا الي صفوف المتمردين , فأمر الباشا بإجراء تحقيق عاجل متوعدا من يثبت عليه الاتهام ! , و في النهاية أعدم 45 ضابطا رميا بالرصاص أمام جنودهم .
و أخيرا تمكن أحمد عثمان بك أحد قادة الجيش من الهجوم – علي رأس قوة مشكله من 500 فارس و 3000 من المشاة – علي الثوار في مديرية قنا حيث كان يختبئ الشيخ رضوان الذي هرب الي الصحراء و وزعت أوامر الاعتقال علي كل المديريات للقبض عليه , و في مده لا تتجاوز أسبوعين تم قمع التمرد و قتل 4000 من الفلاحين !
كان هذا أوضح أثبات علي ولاء الجنود للباشا حتي لو وقفوا ضد أقاربهم و جيرانهم , و قد سجلت احدي الوثائق في دار المحفوظات بالقاهرة أن جاويشا من أفراد كتيبة أحمد عثمان بك وجد نفسه أثناء الهجوم علي قريته أن أباه ضمن المتمردين , و حين فشل في إقناعه بالتسليم قتله ! و حين علم محمد علي باشا بهذا الحادث كتب الي نائبه محمد بك لاظ أوغلي يمدح هذا الجندي و يأمر بترقيته و هي الوثيقة التي لازالت متواجده بدار الوثائق و المحفوظات في القاهرة حتي الان .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى