Uncategorized

رحلة مرضى الفشل الكلوي.. حكايات يرويها أصحابها

جاءت حادث مأساة مستشفى ديرب نجم بالشرقية، والتي راح فيها عدد من مرضى الفشل الكلوي بسبب الإهمال في جلسات الغسيل للمرضى، لإلقاء الضوء على رحلة العذاب التي يعيشها المرضى من ألم جسدي واستنزاف مادي.

تجولت “بوابة الأهرام” داخل عدد من المستشفيات ومراكز الغسيل الكلوي، لرصد معاناة مرضى الفشل الكلوي ومعرفة مطالبهم، التي اقتصرت على تحسين الخدمة المقدمة لهم، ووحدات الغسيل الكلوي، وتوفير العلاج لغير القادرين.

بدأت الجولة في وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الدمرداش، حيث يجلس الكثير من المواطنين خارج وحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى، منهم من انتهى من جلسة الغسيل وينتظر المرافق للعودة إلى المنزل، ومنهم من ينتظر انتهاء جلسة مرضاهم، التي تستغرق 4 ساعات متواصلة أو أكثر إذا ما حدثت مشكلة أثناء الغسيل.

مطالب بتوفير العلاج

بنبرة حزن وعيون ممتلئة بالدموع، أعربت “هدى السيد”، 39 عاما، عن مدى تخوفها من فقدان طفلتها الصغيرة “جنى” صاحبة الخمس سنوات، التي أقبلت على الحياة بهذا الداء اللعين؛ لتذهب إلى المستشفى مرتان أسبوعيا لعمل جلسات الغسيل الكلوي.

وتابعت والدة الطفلة، حديثها مع “بوابة الأهرام”،  قائلة: “بنتي عندها فشل كلوي منذ 3 سنوات.. بنعمل الجلسات على نفقة الدولة بمستشفى الدمرداش، ولكن المشكلة في فلوس العلاج؛ حيث إن حقن الغسيل بـ386 جنيها، فإنها تحتاج لأكثر من 940 جنيها أسبوعيا، وذلك غير 250 جنيها علاج أنيميا ؛لأن عندها أنيميا شديدة”.

واستكملت الأم حديثها وهي تبكي قائلة: “جوزي توفى من 7 أشهر وكان (أرزقي)، وكنت بعرف أجبلها العلاج وبنحاول نمشي حياتنا، لكن بعد وفاته مش عارفه أجيب العلاج.. في ناس ساعدوني كتير، وأنا بشتغل في البيوت، ووصل الحالي أني بقيت أبيع مناديل في الشارع أو أقعد في الشارع، وأطلب من الناس فلوس؛ علشان أعالج بنتي.. الخدمة الاجتماعية بالمستشفى جابت العلاج مرة واحدة مجانا لبنتي بعد كده قالولي مينفعش علشان في حالات كتير محتاجة بردو، وقدمت على معاش الأرامل، ولكن لم أحصل عليه بعد، وطالبت بتوفير العلاج لابنتي”.

رحلة عذاب

وعلى الجانب الأخر، تجلس حنان عبد الرحيم، صاحبة الـ45 عاما، تنتظر زوجها في حديقة المستشفى لحين الانتهاء من الجلسة التي تستغرق 4 ساعات، والتي لم تتخلف عن مرافقته على مدى خمس سنوات.

وأثناء حديثها مع “بوابة الأهرام”، قالت: “نأتي مرتين أسبوعيا إلى المستشفى على مدى الخمس سنوات.. أنتظره في حديقة المستشفى طوال الأربع ساعات، حيث لا يوجد مكان أخر للانتظار”.

وروت “حنان”، بداية الرحلة مع هذا المرض، قائلة: “منذ 5 سنوات، أصيب زوجها محمد إبراهيم، 52 عاما، بفشل كلوي، وأصبح منذ ذلك الوقت ملزم بجلسات علاج أسبوعية لا يفارقها”.

وأضافت “حصلنا على قرار بالعلاج على نفقة الدولة، ولكن ثمن الأدوية يبلغ أكثر من 800 جنيه تقريبا”، متابعه: “اللي كنا بنوفره في الجلسات بيروح على الأدوية، ولادي بيساعدونا، وأهل الخير كتير.. ياريت الدولة توفرالعلاج، الناس اللي بتساعد النهاردة مش هنلقيهم بكره”.

واستكملت: أن “هناك إهمالا في وحدات الغسيل الكلوى، وغالبا ما يحدث عطل في الماكينات، مما يسبب في طول مدة الغسيل.. المفروض يكون في اهتمام بالوحدات، خاصة بعد حادث الشرقية.. أنقذونا قبل ما نموت إحنا كمان”.

نسبة مرضى الفشل الكلوي

وفقا للجمعية المصرية للكلى، أن 25%؜ من ‏مرضى الفشل الكلوي في مصر يموتون سنويا في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10%‏.

وذكرت الإحصائية، أن مصر بها ‏460‏ مركزا خاصًا وحكوميًا‏، ‏وأن المراكز التي خضعت للإحصائية ‏86‏ مركزا فقط يوجد بها حوالي ‏3581‏ مريضًا، علمًا أن عدد مرضي الفشل الكلوي في مصر غير محدد، وأن ‏50 ألفا منهم يقومون بعمليات الغسيل فيما يخضع للفحص أعداد مضاعفة لهذا الرقم.

وتشير الإحصائية، إلى أن معظم مرضى الكلى في مصر دون سن الـ‏50‏ عاما في دلالة واضحة على تردي الرعاية الصحية، فيما تنحصر الإصابة في الدول الأوروبية بين ‏70‏ و‏80‏ عامًا‏.

المستشفيات مختلفة والحال واحد

لم يختلف الوضع كثير في معهد ناصر عن باقي المستشفيات، فبمجرد الاقتراب من وحدة الغسيل الكلوي نجد الحديقة المتواجدة أمام الوحدة ممتلئة بالمواطنين، سواء كانوا مرضى أو مرافقين لهم، فمنهم من يجلس منتظر دوره لدخول الجلسة أو المرافق الذي ينتظر خروج المريض، ومنهم من يتعبه الانتظار ويخلد للنوم الطويل على إحدى المقاعد، أو في أرضية الحديقة.

ورصدت “بوابة الأهرام”، سيدة مسنة متعبة تجلس على إحدى المقاعد منتظرة ابنها لكي تعود إلى المنزل، وبالحديث معها قالت: إن رحلتها مع هذا المرض بدأت منذ 9 أشهر، مضيفة “هفضل أغسل لحد ما أموت”.

وتابعت الحاجة اعتماد، حديثها مع “بوابة الأهرام”، إن “المشكلة مش الوجع إلى بحس بيه، لكن تكلفة المرض والجلسات غالية جدا.. فلوسي كلها ضاعت، وفي ناس دلوقتي بتساعدني”.

واستكملت “ابني عرف يجبلي قرار بالعلاج على نفقة الدولة، وده خفف كتير، ولكن المعاناة متواصلة في التعب وشراء العلاج الذي يستنزف كل ما معها، حيث تزيد الميزانية على أكثر من 800 جنيه”.

تكاليف العلاج باهظة

وفي الجانب الأخر يجلس رجل، خمسيني، بوجه متعب يبدو عليه الآلم، ينتظر دوره للدخول للجلسة، في حديقة المستشفى أمام وحدة الغسيل الكلوي، يأتي منذ 10 سنوات لغسل كليتيه.

وخلال حديثه مع “بوابة الأهرام” قال: “البداية كانت لما دخلت غيبوبة مفاجئة غابت عن الوعي خلالها نتيجة ارتفاع في ضغط الدم، ولإصابته بأنيميا حادة أصبحت غير قادر على الحركة، حتى أخبره الطبيب بالصدمة بأنه يحتاج لغسيل كلوي؛ لأن كليته توقفت عن العمل، ليبدأ رحلته مع جلسات الغسيل”.

وتابع: “بعمل 13 جلسة غسل شهريا، الجلسة بـ350 جنيها، وذلك غير تكلفة العلاج الباهظة، وأنا عندي أربع عيال، بقيت مش ملاحق على علاجي وله مصارفهم.. نفسي يخفضه سعر الجلسات ويوفره العلاج.. أنا مش عارف أصرف على العيال، ولا على علاجي”.

حادثة “ديرب نجم” تخيف المرضى

ويجلس سيد عوض، الرجل الخمسيني، على إحدى المقاعد الخشبية، ينتظر دوره، ويبدو على وجهه علامات الإرهاق، فهو زائر دائم منذ 7 سنوات لمراكز الغسيل الكلوي.

وخلال حديث “بوابة الأهرام” معه قال: “أعمل سائق تاكسي ونظرا لظروفي الصعبة أعالج على نفقة الدولة في المستشفى، والخدمة جيدة والرعاية من المسئولين تدور بانتظام، ولكن المشكلة في أسعار العلاج الباهظة والوحدات تحتاج إلى تحسين”.

وتابع: أن “الدواء الخاص بارتفاع نسبة الفسفور في الدم وصل ثمنه إلى أكثر من 1000 جنيه، ده غير باقي العلاج ومصاريف المواصلات، واليوم بيضيع بين الغسيل واحتياجي للراحة، وأنا سواق وعندي بيت وعيال، وبقيت خايف في يوم أروح أغسل مرجعش زي اللي حصل في حادثة ديرب نجم“.

وتواصلت “بوابة الأهرام” مع د. أيمن خلاف، استشاري الجراحة، والقائم بأعمال مدير معهد ناصر، للرد على شكاوي بعض المرضى المصابين بالفشل الكلوي، ومعرفة ما هي الاحتياطات التي يتم اتخاذها لعدم تكرار واقعة “ديرب نجم”، إلا أنه رفض التعليق على هذا الأمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى