منوعات

بين موافقة الوزير ورفض المواطنين.. اللغة العربية تقتحم مدارس فرنسا

“إن اللغة العربية هي لغة مثالية وسلسة وغنية”، هذا ما كان كتبه المفكر الفرنسي إرنست رينان، في القرن التاسع عشر الميلادي، الذي أشاد بمفردات اللغة الواسعة، ودقة معانيها، والمنطق الجميل لترتيب الجمل، وتعتبر اللغة العربية في وقتنا الحالي ثاني أكثر اللغات انتشارًا في فرنسا.

ويجيد قرابة 5 ملايين شخص من المواطنين الفرنسيين في العالم العربي للغة العربية، معظمهم من الجزائر، والمغرب، وتونس، ومع ذلك فإن تدريس اللغة العربية في المدارس يعد في كثير من الأحيان غير أساسي، فحوالي 13 ألف تلميذ فرنسي فقط يدرسون اللغة العربية، أي حوالي 0.2% من طلاب المدارس الثانوية الذين يدرسون لغة ثانية، وفقًا لـ”economist”.

ويختار الغالبية العظمى من التلاميذ الفرنسيين اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى، على الرغم من أن اللغة الألمانية كانت في السابق الخيار الثاني التقليدي، إلا أن اللغة الإسبانية تجاوزتها في اختيار الطلاب لفترة طويلة، وتعد اللغة الصينية هي الأكثر نموا في فرنسا، حيث يطلب تعلمها الكثير من الطلاب وصل عددهم إلى 39 ألف على مدار العقد الماضي.

وحوالي 5.5 مليون طالب ملتحق بالصفوف في المدارس الثانوية، أصبحت اللغة العربية بالنسبة لهم مهمشة تماما، حتى أن بعض المدارس منعت تدريسها على الإطلاق، “لماذا تريد أن يتعلم أطفالك اللغة العربية” كان هذا الرد اللاذع إجابة على استفسارات أحد الدبلوماسيين الفرنسيين، الذي رغب في العودة إلى باريس بعدما مكث لفترة في بلد عربي.

“تعليم اللغة العربية يجب أن يظل الأكثر انتشارا .. فيجب أن تحصل اللغة العربية على مكانتها”، كان هذا تعليق وزير التربية الفرنسي جان ميشيل بلانكر الذي خاض أكثر من جدال في وقت سابق من هذا الشهر دفاعا عن اللغة العربية “كـ لغة أدبية عظيمة جدا”، يجب ألا تدرس من قبل أهل شمال إفريقيا فقط، بل يجب تدريسها في كل مكان”.

ويقول بلانكر إن تعليم اللغة العربية في المدرسة يمكن أن يكون وسيلة للتحكم في كيفية تدريسه، حيث يتم تدريس اللغة العربية في الفصول غير الدراسية وفي المساجد الفرنسية بعيدا عن متناول مفتشي الحكومة لعدم فرض تدريسها أو منعه، وجاءت فكرة التدريس بشكل خاص من حكيم معهد مونتين، وجاءت فكرته الليبرالية، بزيادة الفصول العربية الرسمية كوسيلة للحد من التعاليم الإسلامية المتشددة.

“تدريس اللغة العربية في المدارس سيكون بداية تعريب فرنسا”، و”تبشر بولادة دولة أخرى في قلب فرنسا”، كانت هذه الآراء الأكثر جرأة وتخوفا من تدريس اللغة العربية بالمدارس الفرنسية، بعدما أثارت فكرة بلانكر لتدريس اللغة العربية بالمدارس جدلا.

ارتداء المعلمات للحجاب في المدارس الفرنسية من الأمور المحظورة بموجب القانون الفرنسي، ولكن بعد دراسة قرار تدريس اللغة العربية بالمدارس الفرنسية، هناك الكثير من الغموض حول ارتداء المعلمين للحجاب.

وعبر التيار السائد عن غضبه أيضا من تهميش اللغة العربية، من خلال افتتاحية في مجلة Le Figaro، كُتب فيها: “إن اللغة العربية ليست مثل أي لغة أخرى في العالم.. ولكنها سلاح يستخدمه أولئك الذين يريدون فصل المسلمين عن بقية المجتمع الفرنسي.. يمكن استغلال اللغة بشكلها الصحيح، ولن يحدث ذلك ما لم تساعد المدارس الفرنسية على تعليم اللغة العربية والدخول إلى الفصل الدراسي، وإلا ستبقى اللغة العربية علامة على الدين بدلًا من لغة عالمية محترمة مثل أي لغة أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى