اقتصاد

بنك إتش إس بي سي: مصر تعود لأسواق المال العالمية

قال كريستيان ديسيجليز،رئيس قسم البنوك المركزية في بنك إتش إس بي سي العالمي إن مصر عادت مرة أخرى لأسواق المال العالمية بعد أن نجحت في الاصلاحات الاقتصادية الجرئية التي نفذتها منذ أن وقعت إتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016 بقيمة 12 مليار دولار،لتسجل بعدها الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفاعا كبيرا وتصبح مصر “محبوبة الأسواق الناشئة”.

وأضاف ديسجليز في حوار أجرته مجلة ” عرب بانكر” الفصلية في عددها الاخير تحت عنوان “مصر تعود لاسواق المال العالمية” إن البنك المركزي المصري برئاسة المحافظ طارق عامر ووزارة المالية برئاسة عمرو الجارحي قد قدما رؤية واقعية ومتماسكة لمستقبل الاقتصاد المصري على المدى الطويل، وتصرفا حيال ذلك بشجاعة، لكن ما زال هناك الكثير من الأعمال يتعين القيام بها لتعزيز بيئة الأعمال وضمان النمو الشامل مع توفيرالحماية المناسبة للفقراء، واستنادا إلى ما رأيناه ، يمكن القول بأن الأمور تتحرك بثبات نحو الاتجاه الصحيح.

وأوضح ديسيجليز إنه يعمل بشكل وثيق مع السلطات المصرية لتعزيز مكانة مصر بين المستثمرين الدوليين، لفهم أسباب تغيير نظرات المستثمرين بشأن مصر، وعودتها إلى الأسواق العالمية في العام الماضي، بالرغم من تصنيفها الائتماني المنخفض، حيث أن الأسواق الدولية تفاعلت مع التغيرات الجذرية والإجراءات الإصلاحية التي تبناها النظام المصري خلال العام الماضي، والتي تزامنت مع توقيع برنامج حزمة قروض صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016، ومن بينها تحرير سعر الصرف، وتحريك أسعار الطاقة وإقرار ضريبة القيمة المضافة الجديدة، منوها إلى أنه لا يمكننا التقليل من أهمية تلك الإصلاحات الجذرية.

وأشار إلى أن مصر ابتعدت عن السياسات التي تشوه الاقتصاد وتعوق الاستثمار، والتي كانت تعيق البلد عن تحقيق آمالها، وتضاعف الاحتياطي النقدي من 6ر15 مليار دولار في يوليو 2016 الى قرابة 37 مليار دولار حاليا، وتراجع عجز الموازنة في الحساب الجاري وتزايدت الصادرات بدعم من انخفاض قيمة الجنيه وتحسنت عائدات الضرائب وارتفع الاستثمار الاجنبي.

ولفت إدارة البنوك المركزية في بنك إتش إس بي سي العالمي إلى انه منذ قرار تحرير سعر الجنيه في نوفمبر الماضي من العام الماضي، لم تكن هناك حاجة إلى تبديد الاحتياطيات من النقد الأجنبي من أجل دعم العملة كما كان يحدث في السابق، بل تم إزالة قيود تدفق رأس المال وزادت تحويلات المصريين في الخارج عبر الجهاز المصرفي المصري، حيث الغى البنك المركزي قيود السحب والايداع بالعملة الاجنبية الذي كان ساريا منذ 2011، ليسهم هذا الالغاء في تدفق أكثر من 57 مليار دولار إلى النظام المصرفي المصري وزادت حصيلة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 30٪.

وأكد على أن مصر لا يزال أمامها طريق طويل في برنامج الإصلاح الهيكلي، رغم أن الحكومة نفذت كل ما التزمت به في إطار برنامج صندوق النقد الدولي، بل تجاوزت توقعات الكثيرين في مجتمع المستثمرين الدوليين، ما ساعدها في الحصول على 4 مليارات دولار في صورة سندات دولارية في يناير من العام الجاري، و3 مليارات دولار أخرى في مايو الماضي.

وردا على السؤال بشأن إمكانية تراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر، أكد ديسيجليز أنه بالرغم من تزايد الديون الأجنبية التي حصلت عليها مصر في الفترة الأخيرة، إلا أن جزءا منها تم بشكل آلي حيث تأثرت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بهبوط قيمة الجنيه المصري في نهاية عام 2016.

وتوقعت إدارة البنوك المركزية في بنك إتش إس بي سي العالمي أن تنخفض نسبة إجمالي الدين إلى الناتج المحلي في عام 2018 وخلال السنوات التي تليها نتيجة لزيادة النمو الاقتصادي وإعادة التوازن المالي، مضيفا أن مصر قد تحقق للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، فائضا.

ولاحظ ديسجليز تغير أوجه تدفقات الاستثمار الأجنبي الى مصر منذ توقيع اتفاق صندوق النقد الدولي في العام الماضي، حيث شهد الاقتصاد المصري استثمارات أجنبية متعددة ومتنوعة، وشكل رأس المال الاجنبي حوالي 10% من الموارد الأساسية في السوق المحلي، مقارنة بنحو 1% قبل توقيع برنامج صندوق النقد الدولي، كما جذب الاستثمار في العملة المحلية استثمارات أجنبية بلغت نحو 19 مليار دولار حتى الأن على خلفية قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة خلال الشهور الماضية.

وتوقع مدير إدارة البنوك المركزية في بنك إتش إس بي سي العالمي أن تشهد بيئة الأعمال التجارية تحسنا كبيرا في مصر بفضل صدور قانون التراخيص الصناعية وقانون الإفلاس الجديد بعد مناقشته في البرلمان.

وقال إن مصر أصبحت تملك واحدة من أكثر قصص الاستثمار جاذبية وإثارة للاهتمام في العالم الناشئ خلال الأشهر الـ12 الماضية، وبات المستثمرون الأجانب يبحثون بشكل دائم عن التحسينات المستمرة في هيكل الاقتصاد ومواصلة تنفيذ إصلاح السياسات، منها مراقبة الحكومة في تنفيذ برنامج الخصخصة، في القطاعات المالية والطاقة.

وأشار إلى أن النمو الاقتصادي لا يزال ضعيفا ومدفوعا بشكل رئيسي بالنفقات العامة، ولذلك سيكون من المهم مواصلة تشجيع نشاط القطاع الخاص الذي يستلزم استمرار مكافحة التضخم والسعي إلى الانضباط المالي مع حماية الفقراء والطبقات الدنيا من الطبقة الوسطى، مؤكدا على أن تلك الخطوات صعبة للغاية ، إلا إن الحكومة المصرية قد اتخذت بالفعل أكثر الإجراءات صعوبة.

وأكد أن مصر لديها فرصة كبيرة لوضع نفسها كمركز تصنيع وخدمة منخفض التكاليف لأوروبا وكموقع استراتيجي في إطار انضمامها إلى اتفاقية طريق الحرير الاقتصادي، كما سيؤدي التوسع الأخير لقناة السويس والمنطقة الاقتصادية المحيطة بها إلى استقطاب الاستثمارات المرتبطة بمبادرة طريق الحرير.

ورأى أن اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة في مصر ساهمت في تغيير الأوضاع لصالح مصر؛ حيث من المتوقع أن يبدأ إنتاج حقل “ظهر ” خلال اسابيع ما يسهم في زيادة إيرادات جيدة في العملة الأجنبية التي كان من الممكن أن يتم إنفاقها على واردات الغاز الطبيعي المسال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى