منوعات

الفراعنة أول من وضعوا التقويم في تاريخ البشرية.. الاحتفال برأس السنة صناعة مصرية

وضع المصريون القدماء أول تقويم فى تاريخ البشرية منذ 75 قرنًا من الزمان، وذلك من خلال رصدهم لفيضان نهر النيل المقدس الذى يمنحهم الحياة والنماء والخير.

يقول عبدالمنعم عبدالعظيم، مدير مركز دراسات تراث الصعيد بالأقصر، في تصريحات لـ”بوابة الأهرام”، إن المصريين القدماء اكتشفوا أن فيضان النيل يتدفق فى موعد ثابت مع ظهور نجم معين يشرق مع الشمس على معبد مدينة أون (هليوبوليس- عين شمس الحالية) هو نجم سيديت أو سيروس أو الشعرى اليمانية.

ويوضح مدير مركز دراسات تراث الصعيد، أن هذا النجم هو أول نجوم المجموعة المعروفة باسم الكلب الأكبر، مشيرًا إلى أنه من خلال مراقبتهم لهذا النجم ورصد حركته لعدة سنوات توصلوا إلى تحديد طول دورته الفلكية (الدورة الشمسية) بدقة متناهية وصلت إلى حد الإعجاز فى ذلك الوقت الذي لم تكن لديهم ما لدينا الآن من أجهزة قياس ورصد.

ويكمل: حددوا طولها بـ 365 يومًا وخمس ساعات، و49 دقيقة ، و45 ثانية، أى بفارق يوم كل 128 سنة، ووضعوا هذا المقياس الزمنى أساسًا لتقويمهم، وكان يوم ظهور نجم الشعرى اليمانية الذى يأتى مع موعد فيضان النيل هو يوم ميلاد العام الجديد، وأطلقوا على هذا التقويم اسم التقويم التحوتي نسبة إلى تحوت إله المعرفة والحكمة وقياس الزمن، ومن هنا كان الفراعنة القدماء هم أول من وضع تقويم في تاريخ البشرية.

ويشير عبدالعظيم، إلى أنه نظرًا لأن هذا التقويم ارتبط بالنيل والحياة الزراعية فى مصر ومواسم رى الأرض والزراعة والحصاد؛ قسم المصريون القدماء السنة إلى ثلاثة فصول كل منها أربعة أشهر تبدأ بفصل الفيضان، ويبدأ من شهر يوليو حتى شهر أكتوبر، وثانيها فصل بذر البذور الذى يبدأ من نوفمبر، وثالثها فصل الحصاد ويبدأ من شهر مارس.

لافتا إلى أنه بهذه الطريقة تكونت السنة من اثني عشر شهرًا وكل شهر من ثلاث ديكات (عشرة أيام) بمجموع 360 يومًا، وأضافوا إليها الخمسة أيام المكملة للتقويم وأطلقوا عليها الخمسة أيام المنسية أو النسيء التى ولد فيها الآلهة الخمسة (إيزيس وأوزوريس وست ونفتيس وحورس)، ثم أضافوا لها يومًا سادسًا كل أربعة سنوات أهدوه للإله تحوت الذى علمهم الحرف والتقويم وسموا هذه الشهور بأسماء آلهتهم بدءًا من توت (تحوت).

ويؤكد عبدالعظيم، أنه كانت بداية العمل بهذا التقويم فى العام الأول من حكم الملك (حور عما) ابن وخليفة الملك مينا عام 557 ق م طبقا لما أرخ له المؤرخ المصري مانيتون، حيث كان المصريين يحتفلون بعيد رأس السنة يوم 19 يوليو من كل عام طبقا للتقويم الحالى بدءًا من عام523 ق م.

وانتقل الاحتفال بهذه المناسبة إلى حضارات الشرق خلال الدولتين القديمة، والوسطى من خلال الفتوحات والغزو المتبادل؛ كما انتقل عبر البحر المتوسط إلى أوروبا عندما أهدت كليو باترا تقويم مصر الشمسي إلى يوليوس قيصر، وكلفت العالم المصري سوسجين أحد علماء جامعة الإسكندرية بنقل هذا التقويم للرومان ليحل محل تقويمهم القمري.

وأطلقوا عليه التقويم القيصري وعملت به أوروبا لعدة قرون ثم عدله البابا جريجورى الثالث عام 1852 م، وهو التقويم الحالي الذى هو فى الأصل تقويم مصري خالص أهدته مصر للعالم وانتقلت مع التقويم تقاليد الاحتفال بعيد رأس السنة.

ويتابع عبد العظيم، لقد اتخذ الاحتفال برأس السنة مظهرًا دينيًا يبدأ بنحر الذبائح كقرابين للآلهة وتوزع لحومها على الفقراء وكان جزءًا منها يوهب للمعابد يوزع بمعرفة الكهنة وكان يوجد سعف النخيل الأخضر الذى يرمز لبداية العام ويعبر عن الحياة المتجددة فى خروجه من قلب الشجرة.

وأوضح أنهم كانوا يتبركون بسعف النخيل ويصنعون منه ضفائر للزينة يعلقونها على الأبواب ويحملون باقات السعف لتوضع على المقابر فى عيد رأس السنة ويوزعون ثمار النخيل الجافة (البلح) صدقة على أرواح موتاهم، و كانوا يصنعون من سعف النخيل أنواعا مختلفة من التمائم والمعلقات التى يضعها الناس على صدورهم وحول أعناقهم رمزًا لتجدد الحياة فى العام الجديد والحفظ من الأرواح الشريرة.

أيضا كان الشباب يحملون سعف النخيل أثناء رقصاتهم الشعبية والجنائزية وانتقلت هذه المظاهر إلى احتفالات أحد السعف فى المسيحية، ووضع جريد النخل الأخضر على قبور الموتى فى الديانة الإسلامية، وكان من تقاليد الاحتفال برأس السنة صناعة الكعك والفطائر وانتقل التقليد ليلازم كل احتفالات الأعياد المسيحية والإسلامية.

كما كان الأوز والبط من أكلاتهم المفضلة فى رأس السنة، كما كانوا يشربون عصير العنب أو النبيذ الطازج وكانوا ينتهزون فرصة عيد الميلاد لعقد زيجاتهم والتصالح بين الخصوم، مشيرًا إلى أنه يرجع إلى الملكة كليوباترا ابتداع استعراضات ومواكب الزهور عندما توافق عيد جلوسها مع عيد الميلاد ونقل الفرس الاحتفال بعيد الميلاد وأسموه عيد النيروز من المصريين وحافظت المسيحية على الاحتفال بعيد الميلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى