مقالات واراء

الستر

يحارب المرض والفقر وقلة الحيلة والإحساس بالضعف.. كل منا في تجربة الحياة يحتاج إلى تلك النعمة الكبيرة التي تعجز أمامها محن الحياة.. يكرمك المولى بالستر فلا تمرض وإذا مرضت تجد الدواء، وإذا آلمك الفقر تجد الستر منجدًا. ومن معاني الستر أن يسترك الله في الدنيا فلا تحتاج لمخلوق وأن يجعلك سترًا لأخيك ولنفسك فلا يفضح كل منكما الآخر.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِي الله عَنْه – أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ وَحَوْلَهُ مجموعة مِنْ أَصْحَابِهِ: ((بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ الله, فَهُوَ إِلَى اللهِ؛ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك)) بيعة تجمع معاني الستر والعفو والمقدرة والثواب والعقاب.

كل ما نمر به في الحياة هو ابتلاء مقصود مدروس بحكمة، يهدف إلى نتيجة محددة تختارها بنفسك وتسعى إليها ثم تحاسب عليها إما ثوابًا ورضا وإما عقوبة وشقاءً، حول حياتك إلى ستر تسترك الدنيا والآخرة، ابتعد عن الشر والموبقات والكبائر وطهر قلبك قبل كل شيء، فالقلب المليء بالسواد لا يدخل الجنة مهما كانت أعماله ظاهرها الصلاح، يظل الابتلاء يطارده والتجربة تحيط به حتى يأخذ كامل رصيده من الستر ثم يفضحه الله إما في الدنيا أو في الآخرة، اجتهد أن تحافظ على الستر ولا تترك قلبك مريضًا بائسًا حتى تأتي الله وحيدًا مفضوحًا غير مستور.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) استر غيرك يكرمك الله بستره وعفوه ورضاه، كن في حاجة أخيك يكن الله في حاجتك.. لا تظلم.. تكن مسلمًا هكذا وصف رسول الله المسلم الحق.. لم يذكر كم صلي وكم صام وكم تصدق.. إنما بسط العقيدة الإسلامية في كلمات بسيطة تضم كل معاني الرحمة والتكامل والإيثار وحسن الخلق.

والستر يفتح أبواب التسامح والتراحم بين الناس، لا تشغل نفسك بغيرك ولا تحاول أن توقع بين الناس فتظن أنك رابح، على نظام فرق تسد، فتسود القلوب وتضيق الصدور فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ((قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-: لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ..))، كن سليم الصدر وأحسن النوايا وحب لأخيك ما تحبه لنفسك تنعم بنعمة الإسلام واقتد برسول الله في تصرفاته ونق قلبك دائمًا تربح الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى