مقالات واراء

مبادرة الرصيف حق للمشاة.. هل تنجح في تحريره من قبضة بلطجة المقاهي والباعة؟

“عبارة الرصيف حق للمشاة، لا نعرفها كمواطنين، فقد تجاوز عمري الخمسين عاما ً، وأنا من سكان حي شبرا، وأصبح عندنا اما لصاحب المقهي او المحال التجارية، أو لبائع، والبعض يتخذه جراجا لسيارته او التوتوك، لنجد نحن المارة والمشاة أن السبيل الوحيد مزاحمة السيارات في نهر الطريق، ولا رحمة بكبير السن أو المعاق أو الطفل”.. يحكي محمود كمال معاناته اليومية في ظل غياب الرصيف عن مسكنه بحي شبرا.

السير وسط السيارات

وتابع “منزلي بالقرب من محطة روض الفرج، ولكن ما أن تصعد من المترو، حتي تجد الارصفة مكتظة بالباعة وأصحاب الفرش، أو مقتطعة لأصحاب المحال، لذلك أعتدنا السير وسط السيارات، وأصحابها بالطبع لا يتمتعون بالصبر أو الرحمة بنا، وسمعنا عن مبادرة “الرصيف حق للمشاة”، ولكن لم نشعر بها فهي غائبة عن شوارعنا، حتي بقايا الرصيف المتواجد أصبحت متهالكة وعفا عليها الزمن، ومليئة بالحفر التي تفترس الاطفال وكبار السن، والرصيف إما مرتفع أو في مستوي الشوارع”.

الرصيف “أكل عيش”

في حين يدافع منير مرعي، عن تجارته “أنا بفرش فرشة الجزم كل يوم، وكل ما تيجي الحملة للازالة نستخبي جوا مخازن معروفة لينا في البيوت، ودا مصدر رزقنا  وإيجار المحال مرتفع، وللعلم أغلبهم مقتطع من الرصيف زينا بالضبط، ولو عندنا محلات مكناش اضطرنا نفرش على الارض ونزاحم الناس في الرصيف”.

مبادرة”الرصيف”

في الآونة الاخيرة، تحول الرصيف لجراج لأصحاب السيارات أمام مساكنهم، بوضع مدق وسلاسل أمام العمارات، ومعرض لأصحاب المحلات، وإمتداد للمقاهى التى تنشر كراسيها على الرصيف، وفي بعض الأحيان “سوبر ماركت” لأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، الذين يجدون ضالتهم لدي باعة الأرصفة، ممن يقومون بعرض البضائع بأسعار أقل من المحال التجارية. وهوما دفع المهندس عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، لإطلاق مبادرة جديدة تحت عنوان ” الرصيف حق للمشاة ” تهدف إلى رفع الإشغالات عن الأرصفة واستعادة حق المواطن فيها.

إجراءات المبادرة

“هذه المبادرة ستكون دليلا على احترام المواطنين وتوضح حرص المحافظة على حق المشاة في السير على رصيف آمن وعدم اضطرارهم للنزول إلى نهر الشارع وقد قمنا بتشكيل فريق عمل لوضع ضوابط تنفيذ المبادرة، وتكليف إدارة المتابعة الميدانية بالمحافظة برصد عدد الارصفة التي يتم تخليصها من الاشغالات في كل حي والتأكد من متابعة الحي لها وقدرته على عدم السماح بعودة الاشغالات اليها مرة أخرى، وسيشمل عدم السماح بخروج المطاعم والمقاهي عن المساحات المرخصة لهم وإزالة الاكشاك المخالفة كما ستشمل ترميم الارصفة وتعويض البلدورات المفقودة وإعادة دهانها”.. حسب تصريحات محافظ القاهرة.

وكشف” سيتم توقيع غرامة مخالفة بيئية على المخالفين والتي تقدر بـ 20 ألف جنيه طبقاً للقانون، وقد تم إزالة  65% من الأكشاك المخالفة”.

تطور العقوبات

العقوبات لأشغال الرصيف كانت عبارة عن 5 جنيهات غرامة إشغال الرصيف، و 5 جنيهات غرامة سنوية لبروز المحل، وكان40 سم بروز الحد الأقصي لأي محل، ولكن قام مجلس الووزراء بالموافقة على مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن اشغال الطرق العامة، حيث نص  القانون على استبدال الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون المشار إليه بالنص التالي “على المخالف بأداء عشرين ضعفًا رسم النظر، ومائة رسم الاشغال المستحق، والمصروفات إلى تاريخ إزالة الإشغال”، وطبقا أيضا لقانون التنسيق الحضاري رقم 119 لسنة 2008 ينص هو أيضاً على عقوبة “الحبس والغرامة” في حال التعدي علي الرصيف.

الازالات غير فعالة

وأستطلع “صدي البلد”، موقف المواطنين من المبادرة، علي مستوي العديد من الاحياء، حيث قال عبدالمنعم محمد، مواطن سبعيني، مقيم بحي السيدة زينب، أن “الحي يعاني من غياب الرصيف والاشغالات واصلة لنهر الطريق، مش بس الارصفة، وكل ما يتم إزالة ترجع بعد ساعتين، لان البائعين بيكونوا علي تواصل مع مخازن للبضائع، ويعودوا بعد إنتهاء الحملة”.

رصيف للمحلات والكافيهات

أما سمير المصرى، موظف خمسيني، فيقول “ياريت يتم تطبيق الحملة علي شارع زين العابدين بحي السيدة زينب، فهناك العديد من المحلات التجارية أستولت علي الارصفة، ومليئة بالبلطجية ولا أحد يجرؤ علي الاعتراض، والمفروض سحب الرخص وتوقيع غرامات للمحلات المخالفة، وأيضا الكافيهات المخالفة، وكلها ممتدة للأرصفة”.

معاناة المدارس والجوامع

فيما انتقد فتحي عزب، موظف، ما يحدث بشوارع مدينة نصر “أرصفة المدارس والمعاهد والجوامع والاكشاك.. بقت هيبرماركت ومعارض السيارات، ومفيش مكان للطلبة للمشي، ودا بيعرضهم للتحرشات والحوادث، وعزبة الهجانة والحي العاشر وعزبة العرب مفيش رصيف فيهم أساسا، وللأسف الرصيف فى الحي السادس التابع لى حي غرب مدينة نصر من حق المحلات فقط”.

بلطجة المقاهي

وتنادي سامية بخيت، مواطنة باب الشعريه، المسئولين بإنقاذ شارع “باب البحر” من المقاهي “عملين سور ورصيف المدرسه كراسي وشيش وقافلين باب المدرسه، غير الازعاج والسماعات للصبح، والتحرش بالفتيات والمارة”.

السكان تتضرر

“يا رئيس حى السيده زينب، الشوارع الموازية لشارع قصر العيني، تحتلها المقاهي والمحال التجارية والكراسي علي الارصفة وسكان العقارات متضررون بشدة ليلا ونهارا ً، ورغم الاعلان عن تنفيذ المبادرة بالحي، إلا أننا لم نلمس ذلك ، وايضا بشارع زين العابدين بجوار محلات التوحيد، وميدان السيدة زينيب، كل الارصفة به محتلة من قبل الباعة الجائلين، وامام المترو بمداخل مستشفي أبو الريش” .. سمير موسي، مواطن بحي السيدة زينب.

مراعاة كبار السن والمعاقين

أما سكان حي المعادي، فقد اشتكوا من إستغلال الرصيف كجراج للسيارات، بشارع 11 وشارع 77، وايضا إشغالات المقاهي والكراسي الملحقة بها، وهناك شوارع عمومية لا تعرف الرصيف مثل شارع الترعة القديمة وشارع الخمسين ودجلة والسريات وشارع 105، بالاضافة لتعديات الكافيهات بشارع 9 بثكنات المعادي. ولابد أن تنفذ المبادرة كما يجب، يطالب مجدي حسن، أحد سكان المعادي.

وتابع “لابد من إصلاح الارصفة المتأكلة بشوارع 233 و87، لانها تشكل صعوبة لكبار السن، لصعوبة المداخل الخاصة بها وارتفاع البردورة، ونأمل أن تكون هناك مراعاة لكبار السن والمعاقيين عند إصلاح الارصفة”.

ترميم ولوحات إرشادية

وكشف خالد محمد، أحد سكان حي المطرية لـ”صدي البلد” أن “سكان الحي يتمنون أن يكون الامر شاملا رفع الإشغالات، وأيضا ترميم الأرصفة وإعادة دهانها ووضع لوحات إرشادية، فرغم وعد المهندس خالد ابوضيف رئيس حى الاميرية بعمل المبادرة، إلا أن الازمة مستمرة بشارع المطرية العمومي، وشارع ترعه الجندي “ومازالت المخالفات من القهاوي والورش ومعارض السيارات، والبلطجه عيني عينك وكل القهاوي غير مرخصه ومحتلة للرصيف”.

غياب مفهوم الرصيف

وتري الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم المعماري بجامعة القاهرة، خلال تصريحات صحفية، إن أغلب الأرصفة في مصر لا تخضع للمقاييس الدولية ولا تستخدم في الغرض المخصص، لأن الرصيف تحول وسيلة للاعلان أو جراجا او مكان للبيع، رغم أن مفهوم الرصيف “الفصل بين الحركة الآلية وحركة المشاة بما لا يسمح بحدوث ارتباك‏‏”.

وتطالب حواس “لابد من إحترام الرصيف باعتباره عنصرا آدميا ومصدرا للاحترام وجزءا من احترام الدولة”.

معدل الخسائر والحوادث

وطبقا للارقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، فأن القيمة المقدرة للحـد الأدنى للتكلفة الاقتصادية لحـوادث الطـرق بمصر 30.2 مليار جنيه عام 2015. بلغ إجمالى عدد حوادث السيارات على الطرق 11098 حادثة خلال عام 2017، وكان السبب الرئيسى للحوادث، العنصر البشرى، حيث بلغت نسبته 78.9%.

تقارير دولية

فيما أعلنت منطمة الصحة العالمية أن “تتكلف حوادث المرور في معظم البلدان 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ونصف الأشخاص تقريباً الذين يتوفون على طرق العالم يكونون من “مستخدمي الطرق”، أي المشاة وراكبي الدراجات الهوائية والنارية، وتشهد البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 90 % من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم، وتمثل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور السبب الأول لوفاة الأشخاص البالغين من العمر من 15 لـ 29 سنة، فيما يلقى نحو 1.25 مليون شخص سنوياً حتفهم نتيجة لحوادث المرور.

مواصفات الرصيف

وعن مواصفات الرصيف، أفاد الدكتو راشد السيد، خبير الطرق والكباري، أن “لابد من وجود بردورة، ويكون الرصيف بعيدا عن الأسفلت بحوالى15 سم، تسهيلا للمعاقين وكبار السن، وعرضه يجب أن يكون 3متر، ويشترط توافره بالطرق المحلية، وتنظيم وضع الاشجار وأعمدة الانارة بما لا يعوق حركة وآمان المشاة”.

حماية حرم الرصيف

“غرامة التعدي علي الرصيف في المرور تصل لـ3‏ آلاف والحبس لمدة عام ولكنها غير مفعلة، ولهذا لابد من تفعيلها، لحماية حرم الرصيف‏، وكذلك لابد من مراعاة تجديد وترميم الارصفة من قبل أدارات صيانة الطرق بالاحياء، من خلال أستخدام مواد جيدة ووضع إشارات للمارة للارشاد ومنع الاعلانات المخالفة والاشغالات، وضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية كالمجالس المحلية، شرطة المرافق، إدارة الاشغالات، هيئة التطوير الحضاري، وهيئة النظافة”.. حسب تصريحات أستشاري الطرق والكباري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى