القس مقابل الداعية.. صفقة أردوغان المثيرة لغضب ترامب.. وجعلته يتوعد أنقرة بعقوبات كبيرة.. والدعم الأمريكي للأكراد يلقي بظلاله على الأزمة
وبالتزامن مع تهديد ترامب، هدد نائبه مايك بنس كذلك بفرض عقوبات على تركيا بسبب استمرارها في احتجاز برانسون.
واعتبر أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن نقل القس من السجن ووضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله “خطوة غير كافية” ودعوا لإطلاق سراحه فورا، فيما مررت اللجنة مشروع قانون يدعو المدير التنفيذي للبنك الدولي والاتحاد الأوروبي إلى تجميد جميع القروض المقدمة إلى تركيا إلى حين توقفها عن احتجاز المواطنين الأمريكيين.
وتعود جذور الأزمة إلى عام 2016، عندما أوقفت السلطات التركية القس بتهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله جولن، المقيم في بنسلفانيا منذ 1999، والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب يوليو العام الماضي، وطالبت أنقرة واشنطن مرارا تسليمها جولن لمحاكمته بتهمة التخطيط للانقلاب الفاشل، الأمر الذي ينفيه بشكل قاطع الداعية الذي كان حليفا لأردوغان قبل أن يندلع الخلاف بينهما.
ورد أردوغان على انتقادات موجهة إلى الجهاز القضائي التركي بعد مناشدة عدد من المسؤولين الأمريكيين أنقرة عدم الخلط بين قضيتي برانسون وجولن، وقال الرئيس التركي بنبرة تهكم: “ما معنى ذلك؟ أيعني أن لديكم جهازا قضائيا نفتقر نحن إليه؟”، وتابع أن “الشخص المعني هنا (برانسون) يخضع للمحاكمة. لكن الذي لديكم هناك (جولن) لا يمثل أمام محكمة! بل يقيم في قصر في بنسيلفانيا”، وأضاف أردوغان أنه “من الأسهل ان تقوموا بتسليمه إلينا، يمكنكم ترحيله فورا”.
وصدر مرسوم في أواخر أغسطس 2017 يجيز لأردوغان مبادلة أجانب محتجزين في بلاده مقابل أتراك موقوفين أو محكومين في دول أخرى، “عندما يكون ذلك ضروريا للأمن القومي أو في صالح البلاد”.
وتصاعدت حدة الأزمة مع نشر صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ما قالت إن واشنطن أبرمت اتفاقا مع أنقرة وشاركت فيه تل أبيب ينص على الإفراج عن إبرو أوزكان المواطنة التركية “إبرو أوزكان”، ، اعتقلت في في مطار بن جوريون، بمدينة تل أبيب، في يونيو الماضي بتهمة مساعدة حركة حماس الفلسطينية، أثناء عودتها إلى تركيا، بعد زيارة للقدس استمرت 3 أيام، إلا أن السلطات الإسرائيلية أخلت سبيلها في 11 يوليو تنفيذًا لقرار سبق أن اتخذته محكمة عسكرية بشأن تطبيق الإفراج المشروط بحقها، وهو ما أكده مسؤول إسرائيلي لصحيفة يديعوت إحرنوت الإسرائيلية ولكن مسؤولا تركيا نفي إبرام مثل تلك الصفقة.
وتعتبر تلك الأزمة امتدادا للاحتقان الذي يسود العلاقات التركية الأمريكية من قبل وصول ترامب للبيت الأبيض حيث تنتقد أنقرة واشنطن لدعمها القوات الكردية خلال الحرب ضد تنظيم داعش، وهي قوات تعتبرها تركيا إرهابية وانفصالية، وكذلك تعتبر تركيا أن أمريكا لم تتخذ موقفا واضحا من الانقلاب الفاشل، وفي المقابل تتهم واشنطن أنقرة بأنها تتقارب من روسيا بل أن نواب أمريكيين عرقلوا إتمام صفقة بيع المقاتلات إف 35 لتركيا نظرا لأنها أعلنت نيتها شراء صواريخ سي 400 الروسية.
ويبدو أن الخلافات بين أنقرة و واشنطن حول قضية القس لا تقتصر عليها إلا أنها كانت بمثابة الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي يخفي خلافات عميقة تجمع دولتين في حلف الناتو.