Uncategorized

40 عاما على معاهدة السلام.. كامب ديفيد بين النكسة وقرار ضم الجولان

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاثنين مرسوما رئاسيا باعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان، قبل سويعات من الذكرى الـ40 لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد.

قالت دينا بديع الأستاذ المساعد والمسؤولة عن برنامج الدراسات الدولية في كلية “سينتر” في جامعة كنتاكي في مقالها بموقع “The Conversation” بعنوان “لماذا اعتراف ترامب بالجولان كأرض إسرائيلية أمر مهم؟”، مشيرة الي أن قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان قوبل بالسرور والاستنكار واللا مبالاة من جانب مختلف الأطراف بالصراع العربي الإسرائيلي، في تكرار لردود الفعل على الخطوة الأمريكية السابقة، وهي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأضافت أنه ردًا على ضغوط الحكومة الإسرائيلية، أشار ترامب عبر “تويتر” إلى أن إدارته مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.

هذا التغير المفاجئ في قضية منطقة متنازع عليها بشدة، ولها أهمية استراتيجية بالغة لإسرائيل، نتج عنه ردود الفعل المتباينة من مختلف أطراف الصراع.

وتابعت أنها بصفتها باحثة وتكتب عن الشرق الأوسط، كما أنها تعكف على عمل كتاب عن الصراع العربي الإسرائيلي، يمكنها وضع قرار ترامب المثير للجدل في سياقه التاريخي والقانوني.

الصراع العربي الإسرائيلي

لفتت إلى أن إسرائيل استولت على 5 أقاليم من 3 دول خلال حرب عام 1967 (النكسة)، وهي: قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والقدس الشرقية والضفة الغربية من الأردن، ومرتفعات الجولان من سوريا.

ورد مجلس الأمن بتمرير ما سمي بقرار “الأرض مقابل السلام”، أو القرار 242، الذي طرح قيام إسرائيل بتبادل الأراضي المحتلة مقابل السلام والاعتراف بها من الدول العربية المحيطة. وافق جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي على القرار، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وقبل حرب 1967، كان هناك حوالي 150 ألف سوري يعيشون في مرتفعات الجولان، لكن العديد منهم نزحوا بسبب النزاع.واليوم، تضم هذه المنطقة نحو 25 ألفا من العرب الدروز يعرف الغالبية العظمى منهم أنفسهم كمواطنين سوريين، وحوالي 20 ألف مستوطن يهودي كإسرائيليين.

في نهاية الحرب، اختلف طرفا النزاع حول من عليه تنفيذ الاتفاق أولا. رفضت الدول العربية التفاوض حتى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، بينما رفضت إسرائيل الانسحاب حتى تفاوض الدول العربية على اتفاق سلام. ونتيجة لذلك، واصلت إسرائيل احتلالها للمناطق الخمس وبناء المستوطنات عليها بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب.

في عام 1973، شنت مصر وسوريا حربًا ضد إسرائيل، فتقدم الجيشان إلى شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان في محاولة لاستعادة الأراضي المحتلة، وبمساعدة أمريكية، نجحت إسرائيل في الاحتفاظ بالسيطرة على الجولان.

في نهاية النزاع، توسطت الولايات المتحدة في محادثات بين إسرائيل ومصر وسوريا في محاولة لحل النزاعات الإقليمية المستمرة. في وقت لاحق، أعادت اتفاقات كامب ديفيد رسميًا شبه جزيرة سيناء إلى مصر مقابل السلام، وفقًا للقرار 242. لكن المناطق الأربع المتبقية، بما فيها مرتفعات الجولان، ظلت تحت سيطرة إسرائيل.

في عام 1981، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها ستضم القدس الشرقية ومرتفعات الجولان، وتمدد حدودها بشكل دائم لتشمل المنطقتين المحتجزين. ردًا على ذلك، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 497 ، الذي أدان ضم المرتفعات السورية، وأعلن أنها تشكل انتهاكًا للقانون الدولي.

وخاضت سوريا وإسرائيل عدة جولات من المفاوضات حول مرتفعات الجولان ، بما في ذلك المحادثات السرية في عام 2010 والتي كانت ستؤدي إلى انسحاب إسرائيلي كامل. لكن بداية الحرب الأهلية السورية في عام 2011 قطعت تلك المفاوضات.

ومع ذلك، تواصل سوريا المطالبة بالعودة الكاملة لمرتفعات الجولان. لم تعترف أي دولة بمطالبات إسرائيل بالأرض حتى الآن.

أحد الأصول الاستراتيجية

تبلغ مساحة الجولان 40 ميلا من الشمال إلى الجنوب، وبمتوسط ​​12 ميلا من الشرق إلى الغرب. على الرغم من أن مرتفعات الجولان هي بنفس حجم جاكسونفيل بولاية فلوريدا، إلا أنها هضبة عالية الارتفاع ذات قيمة استراتيجية تطل على سوريا ووادي الأردن. تعتبر مهمة عسكريًا لكل من سوريا وإسرائيل، كما تعتبرها إسرائيل “منطقة عازلة” تساهم في عملية الدفاع.

بالإضافة إلى القيمة العسكرية، تعد مرتفعات الجولان أيضًا من الأصول الاستراتيجية بمواردها المائية وأراضيها الخصبة، حيث تضم المنطقة حوض تصريف نهر الأردن وبحيرة طبريا ونهر اليرموك ومستودعات المياه الجوفية. تستخرج إسرائيل ثلث مياهها من مرتفعات الجولان. وفي منطقة تعاني من الجفاف نسبيًا في العالم، فإن السيطرة على إمدادات المياه في الجولان لا تقدر بثمن.

حسابات سياسية

يحظى ترامب بشعبية في إسرائيل، خاصة بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية هناك من تل أبيب. كما يستخدم بنيامين نتنياهو حاليًا صور الرئيس الأمريكي في ملصقات حملات إعادة انتخابه للاستفادة من شعبيته تلك.

وأشارت الكاتبة إلى أنها تعتقد أن قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان سيواجه الصعوبات نفها التي واجهها قرار القدس لسببين:

الأول، أنها قرارات تخالف عقودا من سياسة الولايات المتحدة المتسقة، التي طالبت بأن يكون أي اعتراف بالأراضي كنتيجة للمفاوضات المباشرة بدلا من الإعلانات الأحادية.

الثاني، أن القرار يتعارض مع القانون الدولي ، الذي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي التي احتلتها خلال حرب 1967.

لا شك أن خطوة ترامب هي لفتة رمزية وليست قانونية. ولكن بالنظر إلى أبعاد النفوذ العالمي لأمريكا ، فإن اعتراف الولايات المتحدة يمكن أن يضفي بعض الشرعية على سياسة الضم الإسرائيلية المثيرة للجدل.

ورأت أنه مقاربة ترامب للقضايا الخلافية في الصراع العربي الإسرائيلي ستقوض بشكل أكبر ادعاء الحكومة الأمريكية بأنها وسيط أمين، كما ستجعل احتمال السلام في الشرق الأوسط أكثر ضعفا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى