فنون

رامي مالك.. من سمالوط إلى هوليوود..أن ترى ابنك يتحول إلى عمر الشريف

بينما كان المصريون في حالة من الانبهار والفخر خلال ستينيات القرن الماضي بغزو النجم الراحل عمر الشريف للسينما الأمريكية وبزوغ نجمه داخل أروقة “هوليوود” بعد فيلم “لورانس العرب”، الذي حقق نجاحا كبيرا، وحصل على جائزتي”جولدن جلوب” كأفضل ممثل مساعد، وأفضل ممثل صاعد عام 1962. وحصل فيما بعد على الثالثة عن فيلم “دكتور زيفاجو”، 1966.
في عام 1978، كان سعيد، الذي يعمل مرشدا سياحيا يعد نفسه للسفر إلى الجانب الآخر من العالم، أخيرا الحلم الأمريكي يتحقق، ربما كان حينها يفكر في ميزة أن يصطحب زوجته نيلي، إلى إحدى السينمات لمشاهدة فيلم عمر الشريف فور صدوره، بعد أن كان مضطرا للانتظار ربما لبضعة أشهر قبل أن تعرض سينمات القاهرة الفيلم نفسه…لكن بالتأكيد لم يكن خياله يتصور ما سيحدث.
وفي 12 مايو 1981، أنجب سعيد الذي كان لديه ابنة تدعى ياسمين توأما، ليصبح أكبرهم بفارق 4 دقائق، مالك، والأصغر سامي.
أصبح سعيد القبطي الأرثوذكسي الآن يبيع بوليصات التأمين، وزوجته تعمل كمحاسبة، يحاولان الارتقاء بمعيشة الأسرة لتصل إلى مستوى العالم الأول، لكنهما لا يزالا متمسكين بجذورهما المصرية، فيعود الأب في منتصف الليل ويوقظ أبنائه ليتحدثوا مع عائلتهم في مدينة سمالوط بمحافظة المنيا.
صار رامي في الثانوية، وكان سعيد يحلم بأن يرى ابنه محاميا وبالفعل التحق رامي بفريق التناظر للتدرب على مهارات المحاماة، لكن رامي ظهرت عليه أمارات موهبة أخرى، التمثيل، شجعه معلمه أن ينضم إلى فريق المسرح..وجاءت اللحظة الحاسمة.
قال رامي واصفا شعوره قبل تمثيل أول أدواره على خشبة المسرح أمام والده : “على المسرح، أنا أوجه هذه اللحظة مع والدي ومجموعة أخرى من الناس (الجمهور)، لكن بعد ذلك فكرت، واو هناك شئ رائع حقا يحدث هنا”.كانت أول مرة يرى والده عاطفيا، ورد فعل والداه الإيجابي على الأداء جعله يشعر بالحرية في تمثيل دوره، وفي بقية مسيرته.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية ذهب رامي إلى دراسة المسرح في جامعة إيفانسفيل، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 2003.
وبعد التخرج من الجامعة، انتقل إلى نيويورك وعاش في شقة بغرفة نوم واحدة يشاركه بها مجموعة من أصدقائه الذين كانوا أيضا يشقون طريقهم في مجال المسرح، وكون شبكة من الأأصدقاء والمعارف من المخرجين والكتاب، عملوا معا في مسرحياتهم الخاصة التي عرضت حول المدينة،أثناء إحدى زياراته لأسرته في لوس أنجلوس، ألتقى بمدير طاقم العمل “ريجيسير”، مالي فين، والذي أقنعه بالبقاء والبحث عن عمل في هوليوود.
وبعد العودة إلى بيت الأسرة، عمل رامي في توصيل الطلبات للمنازل وصنع ساندويتشات الفلافل والشاورما في مطعم بهوليوود، وعلى الرغم من إرسال سيرته الذاتية إلى دور الإنتاج، وجد صعوبة كبيرة في الحصول على دور، ما أصابه بنوبات من الاكتئاب والإحباط وفقدان الثقة، وفكر في التخلي عن فكرة التمثيل، والعمل ربما في مجال العقارات.
وبعد عام ونصف من الانتظار، تلقى أخيرا مكالمة من الريجيسيرة، مارا كاسي، التي لفت انتباهها شئ ما في سيرته الذاتية، ليحصل على أولى أدواره في مسلسل “Gilmore Girls” في عام 2004.
توالت الأعمال التلفزيونية للمثل الشاب، رامي سعيد مالك، والسينيمائية كذلك، أشهرها دوره في فيلم “ليلة في المتحف-Night at the Museum”، كما لعب دور المفجر الانتحاري “ماركوس الزكار” في عام 2010، لكنه فيما بعد أمر وكيل أعماله برفض أي لعب أي دور لشخصية عربي أو شرق أوسطي في سياق مسيئ.
حقق رامي مالك نجاحا هائلا عن بطولته لمسلسل “Mr. Robot” عام 2015، الذي اختاره الكاتب التلفزيوني سام إسماعيل للعب الشخصية الرئيسية “إليوت ألدرسون” بعد تجربة أكثر من 100 ممثل آخر. وحصل على جائزة “إيمي”.
في نهاية العام الماضي، صدر فيلم”Bohemian Rhapsody” من بطولة مالك، والذي يسرد قصة حياة مغني الروك البريطاني الشهير، فريدي ميركوري، حصد مالك جائزة “جولدن جلوب” الثمينة، وهي ثاني أهم جائزة في مجال السينما بعد الأوسكار.
لم يكن سعيد الذي يشاهد الابن المراهق يؤدي أول أعماله المسرحية يتخيل يوما ما، أن يسير هذا الابن على خطى نجم الستينيات الأثير، وأن ينتقل تغني النقاد بملامح الشريف الشرقية الجذابة ونظرة العين النافذة، عبر عدة أجيال ليصل إلى ابنه بالذات، الذي حلم له أن يصير محاميا. لكن القدر لم يشأ له أن يرى تلك النهاية السعيدة.
قال مالك في 30 ديسمبر الماضي : “لا يوجد الجيل الأول أو الجيل الثاني الذي تمت إزالته. أنا مصري، نشأت استمع للموسيقى المصرية، أحببت أم كلثوم، كنت أحب عمر الشريف.. هؤلاء هم شعبي، أشعر أني مرتبط بشكل رائع بالثقافة والبشر الموجودين هناك. أقر بأن لدي تجربة مختلفة..لكنني مغرم ومتشابك مع الثقافة المصرية..إنه النسيج الذي شكلني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى