اخبارمصر

علاء ثابت: الحضور المصرى على مسار طريق الصين

قال الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام إن «الحزام والطريق» ليس مجرد مشروع بنية أساسية ضخم، يجرى فيه شق آلاف الكيلومترات من الطرق البرية والسكك الحديدية وخطوط الملاحة، وتأهيل عشرات الموانى لفتح مسار إضافى للتجارة الدولية ينعش حركة التبادل. وإن ما سمعه من الصينيين خلال المنتدى يؤكد أن مشروع «الحزام والطريق» له أهداف أبعد، وأنه بداية لعصر جديد جعله يتساءلت: هل بدأ العصر الصينى فعلا؟ وهل سيكون طريق الحرير الجديد هو ما أرادت به الصين أن تقدم أوراق اعتمادها كقوة قائدة للعالم ؟ لا أحد يمكنه أن ينفى أن الصين أصبحت على مقربة من تصدر عرش الاقتصاد العالمى، بل هناك مؤشرات تقول إنها اعتلته بالفعل، فهى الأولى فى الفوائض الاقتصادية، ويمكن أن نلمس استثماراتها تتدفق إلى كل قارات العالم، لتقول إن عصرا جديدا قد بدأ.. إن الولايات المتحدة التى قاطعت المنتدى تدرك مدى قوة الصين الاقتصادية، ولا تعرف كيف توقف الزحف الصينى نحو المقدمة.
وأضاف ثابت فى مقاله المنشور اليوم الجمعة بجريدة “الأهرام” أنه كلما زار الصين تفاءل كثيرا بمستقبل مصر، ربما لأن حضارتى مصر والصين من الحضارات القديمة التى تلاقت كثيرا، ويجمعهما إرث حضارى مشترك؟ أو لأن الصين كانت دولة فقيرة من بين دول العالم الثالث، وعانت الكثير من الأزمات، لكنها انطلقت لتصبح الرقم الصعب فى العالم، أو لأنها تميزت بعدد سكانها الكبير، وكان الكثيرون يرون فى الزيادة السكانية خطرا كبيرا، ويقولون إن أكثر من مليار فم مفتوح يمكن أن يلتهم التنمية، لكن الصين ردت بأن لديها الكثير من السواعد القوية القادرة على كسب قوتها، وبالفعل أصبحت الصين أكثر إنتاجية، وتسابق العالم على الاستثمار فى الأيدى العاملة الماهرة، وتدفقت مئات المليارات من الاستثمارات على الصين التى عرفت كيف تستوعب الجديد فى مختلف الصناعات والتكنولوجيا ونجحت فى توطينها، بل أصبحت تمتلك قاعدة قوية للبحوث العلمية المرتبطة بمختلف الصناعات، لتقدم التكنولوجيا الصينية التى ستبهر العالم فى السنوات القليلة المقبلة. لقد تمكنت الصين من تحويل المشكلة السكانية إلى ميزة تحصد بفضلها الكثير من الخير، وهو ما نحتاجه فى مصر لنكون دولة لا تلبى احتياجاتها فقط، بل قادرة على أن تصبح طاقة هائلة للبناء والتقدم.
إلى نص المقال:
«الحزام والطريق» ليس مجرد مشروع بنية أساسية ضخم، يجرى فيه شق آلاف الكيلومترات من الطرق البرية والسكك الحديدية وخطوط الملاحة، وتأهيل عشرات الموانى لفتح مسار إضافى للتجارة الدولية ينعش حركة التبادل. إن ما سمعته من الصينيين خلال المنتدى يؤكد أن مشروع «الحزام والطريق» له أهداف أبعد، وأنه بداية لعصر جديد. تساءلت بصوت خافت: هل بدأ العصر الصينى فعلا؟ وهل سيكون طريق الحرير الجديد هو ما أرادت به الصين أن تقدم أوراق اعتمادها كقوة قائدة للعالم ؟ لا أحد يمكنه أن ينفى أن الصين أصبحت على مقربة من تصدرعرش الاقتصاد العالمى، بل هناك مؤشرات تقول إنها اعتلته بالفعل، فهى الأولى فى الفوائض الاقتصادية، ويمكن أن نلمس استثماراتها تتدفق إلى كل قارات العالم، لتقول إن عصرا جديدا قد بدأ.. إن الولايات المتحدة التى قاطعت المنتدى تدرك مدى قوة الصين الاقتصادية، ولا تعرف كيف توقف الزحف الصينى نحو المقدمة.
يحب الصينيون أن يؤكدوا اختلافهم فى التعاطى مع الأزمات الدولية، خاصة الاقتصادية، ونفى ما تروجه وسائل إعلام غربية من أن الصين ترمى إلى إغراق دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فى أوحال الديون، ويرون أنها دعاية سوداء ضد الصين ومشاريعها، وأنها عندما تقدم قروضا أو مشروعات استثمارية تسعى لأن تكون الأقل فى شروطها، وألا تفرض على الدول المقترضة أى شروط سياسية ولا تتدخل فى نمط التنمية الذى تريده الدولة، وأنها تطرح دائما ميثاقا جديدا للتعاون الدولى، يقوم على الشراكة الدولية، وتقول إن تقدم دولة لا يتطلب بالضرورة أن يكون على حساب أخرى، بل العكس، فتقدم كل واحدة يمكن أن يسهم فى تحسن أداء باقى الدول، عندئذ يكون الكل رابحًا من التنمية.
لمست تحسن الصينيين فى إجادة اللغات الأجنبية، الملايين يتعلمون الإنجليزية ولغات أخرى، كل اللغات الحية، وإن كانت الإنجليزية فى المقدمة دائما، بوصفها لغة العالم فى الاقتصاد والسياسة وغيرهما، ولايشعر الصينيون تجاهها بحساسية مثل حساسيتهم من اعتماد الدولار عملة عالمية، فهم يرون أن وضع الدولار غير طبيعى، وأن النظام المالى والمصرفى الدولى بحاجة إلى إصلاحات كبيرة، ستكون لمصلحة الدول الأكثر فقرا، التى تتحكم الدول الكبرى فى اقتصادها، وتوجهه لمصلحتها.
وقد استفدت من وجود عدد أكبر من الصينيين الملمين باللغتين العربية والإنجليزية فى الحديث عن أهمية مشروع «الحزام والطريق» وإلى أين يمضى الطموح الصينى. لكن السؤال الذى ظل يشغلنى أكثر من غيره هو: ماذا سيحل بنا فى ظل صعود المارد الأصفر الذى خرج من قمقمه؟ وهل سيؤثر ذلك الطريق الجديد بالسلب على قناة السويس، خصوصا أنه سيربط شرق آسيا مع أوروبا، مرورا بدول وسط آسيا؟ الإجابة كانت تهدئ من تلك المخاوف، فالصينيون يقولون إن الحزام والطريق شريان إضافى سوف يحسن من سرعة ونمو التجارة العالمية، وليس طريقا بديلا لطرق التجارة التقليدية، بل يعزز منها ويحسن الأداء ويضاعف من معدل التبادل التجارى، وإن قناة السويس فى قلب خريطة «الحزام والطريق» ليس بوصفها شريانا بحريا مهما فقط، بل لأنها يمكن أن تقدم الكثير فى مجالات الخدمات البحرية ومناطق الصناعة والتجارة الحرة، وهناك مشروعات صينية تعمل فى شرق تفريعة قناة السويس التى يتحدث عنها الصينيون باهتمام، ويصفونها بأنها من أهم المناطق الواعدة فى العالم، بتفردها الجغرافى وحجم المشروعات الجديدة فيها.
لا يمكن تجاهل الاهتمام الكبير للرئيس عبد الفتاح السيسى بالتعاون مع الصين، التى زارها 6 مرات حتى الآن، وهو رقم كبير له دلالاته، مع المؤشر الصاعد بقوة فى عدد ونوعية المشروعات المشتركة، وحجم الاستثمارات الصينية، وأن الصين أكبر شريك تجارى مع مصر، وتسعيان إلى تعزيز هذه الشراكة، مع رفع وتيرة الصادرات المصرية إلى الصين، بما يعالج الخلل فى الميزان التجارى، وهو محل ترحيب واهتمام من جانب الصين.
أتفاءل كثيرا بمستقبل مصر كلما زرت الصين، ربما لأن حضارتى مصر والصين من الحضارات القديمة التى تلاقت كثيرا، ويجمعهما إرث حضارى مشترك؟ أو لأن الصين كانت دولة فقيرة من بين دول العالم الثالث، وعانت الكثير من الأزمات، لكنها انطلقت لتصبح الرقم الصعب فى العالم، أو لأنها تميزت بعدد سكانها الكبير، وكان الكثيرون يرون فى الزيادة السكانية خطرا كبيرا، ويقولون إن أكثر من مليار فم مفتوح يمكن أن يلتهم التنمية، لكن الصين ردت بأن لديها الكثير من السواعد القوية القادرة على كسب قوتها، وبالفعل أصبحت الصين أكثر إنتاجية، وتسابق العالم على الاستثمار فى الأيدى العاملة الماهرة، وتدفقت مئات المليارات من الاستثمارات على الصين التى عرفت كيف تستوعب الجديد فى مختلف الصناعات والتكنولوجيا ونجحت فى توطينها، بل أصبحت تمتلك قاعدة قوية للبحوث العلمية المرتبطة بمختلف الصناعات، لتقدم التكنولوجيا الصينية التى ستبهر العالم فى السنوات القليلة المقبلة. لقد تمكنت الصين من تحويل المشكلة السكانية إلى ميزة تحصد بفضلها الكثير من الخير، وهو ما نحتاجه فى مصر لنكون دولة لا تلبى احتياجاتها فقط، بل قادرة على أن تصبح طاقة هائلة للبناء والتقدم.
إن طريق الحرير الجديد يفتح مسارا جديدا للبشرية نحو مستقبل مشرق، ومصر ستكون حاضرة بقوة على الطريق الجديد، بالبناء والتشييد واستلهام تراثنا الحضارى الذى لا يقل عن تراث الصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى