منوعات

استشارى: إدمان الضوضاء يقلل المناعة ويسبب 40 ضررا صحيا

أكد الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال وزميل كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، أن تعرض الإنسان للضوضاء المفرطة (أكثر من 85 ديسيبيل) يؤدي إلى فقد السمع وأن هذا المعدل من الضوضاء ينتج من الضجيج المهني مثل الضجيج الناجم عن الآلات والانفجارات واستخدام أجهزة الصوت الشخصية لفترات طويلة من الوقت والحضور المتكرر للحفلات الموسيقية.

وقال بدران إن الديسيبل هو وحدة قياس مستوى شدة الصوت وهو أدنى فرق بين صوت وآخر يمكن أن تحسه الأذن البشرية، حيث أوصت المعايير العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية بأن لا تتعدى شدة الصوت أثناء النهار 45 ديسيبل وأثناء الليل ‏35‏ ديسبل، موضحا أن مستويات الضوضاء‏ في شوارع مصر، خاصة في مدنها الرئيسية، تصل شدة الصوت لحوالي 95 ديسيبل‏ أثناء النهار.

وأضاف: “نظرا لأهمية هذا الموضوع فإنه سيتحدث في ندوة وباء الضوضاء التي يستضيفها صباح غد، الثلاثاء، مركز توثيق وبحوث أدب الأطفال التابع للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تحت رعاية الدكتور أحمد الشوكي، رئيس مجلس إدارة الهيئة، والدكتور أشرف قادوس، المشرف على المركز”، مشيرا إلى أنه سيتناول فيها موضع الإعاقة السمعية كوباء عالمي وأثر الضوضاء وتلوث الهواء والعوامل الأخرى في ذلك.

وكشف بدران عن حقيقة علمية هامة أثبتتها الدراسات وهى أن إدمان الضوضاء يقلل مناعة الجسم، ويصيب الإنسان بـ40 ضررا صحيا أقلها فقدان السمع ومن أخطرها مشاكل صحية في القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والإصابة بالسكر ونزلات البرد وغيرها من الأمراض الخطيرة، حيث ثبت علميا أن ضوضاء المرور في الشوارع المزدحمة من أحد العوامل التي ساهمت في ظاهرة ارتفاع ضغط الدم الذي أصاب ثلث البالغين عالميا وربع المصريين ونصف سكان القاهرة، ما يؤكد أن هناك علاقة بين التعرض طويل المدى للضوضاء (أعلى من 67-70 ديسيبل) وارتفاع ضغط الدم، مشيرا إلى أن مستويات الضوضاء البالغة 50 ديسيبل في الليل قد تزيد أيضا من خطر الأزمات القلبية عن طريق رفع مادة الكورتيزول في الجسم.

وحول تأثيرات الضوضاء على صحة الإنسان، أجاب بدران بأنها تؤثر على نوعية الحياة وتسبب التوتر الذي يزيد من كميات هرمونات الغضب في الجسم، موضحا أن هناك بحثًا سينشر في 22 ديسمبر الحالي، كشف عن أن الضوضاء تزيد من إفراز الكورتيزول في الجسم في المراهقين (يوجد زائدا في اللعاب).

ولفت إلى أن الضوضاء وراء زيادة شكاوى الحساسية والصداع، والتعب، وقرحة المعدة، والدوار، والاكتئاب والاضطرابات النفسية، والصداع النصفي، والإحباط العاطفي، حيث تزيد من إفراز هرمومات التوتر التي تقلل المناعة، وبالتالي تقل مقاومة الجسم ضد العدوى وتنخفض فيه درجة الحرارة الاعتيادية، وتزيد نسبة السكر في الدم، ويصبح الإنسان أكثر عدوانية، ويرتفع ضغط الدم وتسبب قرحة المعدة والتوتر العصبي والشعور بالضيق والإجهاد، والتعب، والإصابة بالصداع ، وفقدان الشهية، واضطرابات في النوم، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على الحالة النفسية والذهنية للفرد وعلى قدرته الإنتاجية.

وذكر عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة أن الضوضاء تبطئ العمليات المعرفية (التعلم، والانتباه، والذاكرة) وتقلل التركيز، حيث ثبت علميا في بحث منشور في شهر ديسمبر الحالي أن ضوضاء حركة المرور لها تأثير سلبي على عدم الاهتمام وقلة التركيز عند الأطفال، مشيرا إلى أن التعرض المزمن للضوضاء أدى إلى تغييرات في الجهاز العصبي المركزي في حيوانات التجارب وأحدث كذلك تغيرات في جزء من المخ يعرف علميا بـ”قرن آمون” له دور مهم في التعلم والذاكرة، وله أدوار هامة في نقل المعلومات من الذاكرة على المدى القصير إلى الذاكرة على المدى الطويل وفي تخزين ذكريات الذاكرة المكانية كخريطة معرفية في المخ تمكن الإنسان من التجول ومعرفة الأماكن التي مر بها من قبل.

وقال إن التعرض لفترات طويلة للضوضاء العالية يؤدى إلى تغيير الطريقة التي يعالج بها المخ الكلام، والتعرف على الكلمات مما يزيد من صعوبة التمييز بين أصوات الكلام، كما أنها تضعف نمو الطفل وتطوره وتؤثر سلبا على نمو وتطور المخ عند المواليد وتضعف وظائفه الذهنية، وتؤثر على الرضع فتسبب خفض قدرتهم على تمييز الأصوات مما يزيد من معدلات الإصابة باضطرابات تعلم اللغة.

وأكد أن الأجنة في أرحام أمهاتهم تبكي من الضوضاء، حيث يسلك الجنين عند حدوث ضوضاء سلوكا مشابها للبكاء كعلامات الفزع التي تتمثل في شهيق وزفير عميق وفتح الفم وارتعاش الذقن، موضحا أن العديد من الدراسات بينت أن الأطفال المعرضين للضوضاء، وأطفال الفصول الدراسية الواقعة بالقرب من مسارات الطيران والطائرات والسكك الحديدية أو الطرق السريعة يكونون أبطأ من حيث تطوير مهاراتهم المعرفية واللغوية وأقل في درجات القراءة، ويزيد لديهم العزوف عن الحديث مع الآخرين.

وأضاف بدران أن “الكركمين” وهو المركب الفعال الموجود في الكركم، يقلل من الآثار الضارة لضوضاء القوقعة، ما يساعد على الوقاية من فقدان السمع الناتج عن الضوضاء، سواء بالتعرض المتكرر أو التعرض مرة واحدة للضوضاء الشديدة، وعزا ذلك إلى أن الكركمين يقي من الإجهاد التأكسدي في القوقعة الناتج عن الأصوات العالية ويرفع المناعة، بالإضافة إلى كونه مادة مضادة للأكسدة ومضادا قويا ضد الالتهابات ولها أثر في التخفيف من التدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة والتقليل من الدهون ومستويات الدهون المترسبة على الأوعية الدموية وتعزيز الموصلات العصبية في المخ مثل الدوبامين والسيروتونين فى منطقة الهايبو كامباس ويزيد من إنتاج البروتينات المغذية.

وتابع: “هناك مضادات طبيعية ضد التوتر الناجم عن الضوضاء منها بعض الأصوات الطبيعة مثل زقزقة الطيور وخرير الماء، حيث أشارت الدراسات إلى أنهما يؤثران بشكل إيجابي على قدرة الفرد على التعافي من توتر الضوضاء”، مؤكدا أن القوقعة مزودة بمضادات للأكسدة وعوامل نمو ومضادات تمنع الخلايا من الانتحار المبرمج لحماية خلايا السمع من التهديدات البيئية، وهى جزء من أجزاء السمع يوجد في الأذن الداخلية، وتضم 3 آلاف و500 من خلايا السمع الداخلية و12 ألفا من خلايا السمع الخارجية، وتشبه في شكلها الخارجي قوقعة البحر الحلزونية.

ووصف بدران الضوضاء بالوباء الذي أصبح من التهديدات الكبرى للصحة العامة في عالم اليوم، حيث إن هناك 1.1 مليار شاب في العالم معرض لخطر فقدان السمع بسبب التعرض للضوضاء في الأماكن الترفيهية، مشيرا إلى أن الضوضاء تحرم 35% من أطفال أوروبا من النوم الهادئ وتخلق صعوبة في التواصل بين البشر، حيث الضوضاء والصوت العالي أصبحا عناصر مميزة للبيئة في عالم اليوم، في البيوت والسيارات والتكاتك والمقاهي والدراجات النارية، وفي الحفلات والمناسبات الاجتماعية، وربما تأتى من الجيران أو قاطني الشوارع البعيدة.

وقال استشاري الأطفال إن 60% من فقدان السمع في مرحلة الطفولة يرجع إلى أسباب يمكن الوقاية منها، وإن هذه النسبة ترتفع في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل لتصل إلى 75% مقارنة بالدول مرتفعة الدخل (49%)، مؤكدا فاعلية التدخلات لمنع فقدان السمع وتشخيصه ومعالجته من حيث التكلفة.

وأضاف أن أسباب الإعاقة السمعية متعددة وتزداد فرص الإعاقة لوجود أكثر من سبب، وبسبب العديد من تلك الأسباب من الممكن أن تتلف طبلة الأذن ويحدث بها ثقب ما بسبب حادثة أو الاختراق خلال محاولة تنظيف الأذن أو حكها، أو عدوى في الأذن الوسطى، أو نتيجة اختلافات كبيرة في ضغط الهواء بين خارج طبلة الأذن وداخلها، موضحا أن من بين تلك الأسباب أسباب وراثية، ومضاعفات الحمل أو الولادة، وتدخين الأم الحامل، وإصابة الأم الحامل بمرض الحصبة الألمانية أو الزهري، ونقص الأكسجين خلال الحمل أو في وقت الولادة، وانخفاض الوزن عند الولادة، وارتفاع نسبة الصفراء الشديد في المواليد يمكن أن يضر العصب السمعي في الرضع حديثي الولادة، إلى جانب بعض الأمراض المعدية، مثل “التهاب الأغشية السحائية والحصبة والنكاف والتهابات الأذن المزمنة وثقب طبلة الأذن”، وأن المدخنين أكثر احتمالا من غيرهم لفقدان السمع، حيث يضر تدخين التبغ القوقعة بحسب 30 دراسة علمية.

وقال بدران: “إن الضوضاء، خاصة ضوضاء المواصلات، وراء الإصابة بمرض السكر، حيث إنها تسبب زيادة كيمياء الغضب وتشجع الجسم على استقبال نزلات البرد وتزيد من فرص الإصابة به وذلك لأثرها على خفض درجة حرارة الأنف نصف درجة”.

وأضاف أن الضوضاء تقلل من كفاءة الحاجز الدموي في المخ الذي يتكون من بطانة الأوعية الدموية المتخصصة ويعمل كحائل منيع يفصل بين الدم والسائل الموجود داخل خلايا المخ ليحميه من البكتيريا والجزيئات كبيرة الحجم، ويسمح للأكسيجين والهرمونات فقط بالمرور لخلايا المخ، ويبين أن الضوضاء الصاخبة توسع فتحات الحاجز الدموي في المخ الضيقة، وبهذا تتسلل مواد لا تحتاجها خلاياه لداخلها مهددة سلامتها.

وذكر أن لفقدان السمع خسائر كبيرة على المصابين به والمجتمع على حد سواء، وتتمثل الخسائر الشخصية في عدم قدرة الفرد على التواصل مع الآخرين وتأخر الكلام في الأطفال وتدهور الأداء المدرسي للأطفال والشعور بالوحدة والعزلة والإحباط، خاصة بين الأطفال وكبار السن، فيما تندرج الخسائر الاقتصادية للمجتمع تحت بند أظهرته منظمة الصحة العالمية في تقاريرها بشأن تقدير تكلفة فقدان السمع غير المعالج العالمية السنوية والتي تبلغ 750 مليار دولار، ويشمل ذلك تكاليف القطاع الصحي باستثناء تكلفة أجهزة السمع، وتكاليف الدعم التعليمي، وفقدان الإنتاجية، والتكاليف المجتمعية.

وطالب بإعادة التأهيل والتعليم والتمكين يمكن للأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، موضحًا أن المصابين بالإعاقة السمعية يحتاجون الدعم الصحي والثقافى والتعليمي والاجتماعي والعمل على إعادة و ضع لوائح إرشادية في الأماكن العام والبنايات لتجنب الإزعاج وعدم تلويث البيئة بالضوضاء حتى تشب الأجيال على ثقافة جديدة تحارب الضوضاء مثل محاربتها لتدخين التبغ.

وأكد أن الحد من الضوضاء يحتاج إلى نشر ثقافة مخاطر الضوضاء ويحتاج أيضا إلى بعض الاستراتيجيات البسيطة للوقاية من فقدان السمع مثل تطعيم الأطفال ضد الأمراض تطعيم المراهقات والنساء في سن الإنجاب ضد الحصبة الألمانية قبل الحمل، ومنع العدوى الفيروس المضخم للخلايا في الأمهات الحوامل من خلال النظافة العامة، والرعاية الصحية للأذن وفحص الأطفال دوري لاكتشاف التهاب الأذن الوسطى، وتجنب استخدام الأدوية التي تضر الأذن، أو إدخال أي أجسام غريبة في الأذن، محذرا من إهمال إصابات الأذن أو عدواها، مطالبا بالتشخيص المبكر للصمم بدءا من الولادة، خاصة في الأسر ذات التاريخ الوراثي بفقدان السمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى